علاج الحزن والغم بحديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
ماذا علي أن أكتب اليوم! إن اليد لا تتحرك، والقلم لا يكتب، والتركيز لا يتم، والدماغ لا يشتغل، والأعين مستقرة على بياض صفحة، والقلب مليء بالأحزان، فكأن كل عضو من أعضاء الجسد أصبح جامدا، ولا يعمل بكفاءته، ولا ذنب لها، لأن مصدر الأعضاء لا يرسل الدم بكمية مطلوبة إلى الأعضاء، فكأن صخرة ضخمة ساقطة على كل عضو، وجعلته دون عمل.
إذا كان أحد في مثل هذا الوضع فما أظن أنه يستطيع أن يركز على الكتابة، فلذا وضعت عنوان موضوع اليوم "ما ذا علي أن أكتب اليوم" وهذا هو يوم حزن بالنسبة لي، وقد أقلقني إلى درجة حتى أصبحت مفلوجا في التفكير والكتابة والحديث، فلما جلست مع الإخوة ما كنت أرضى بأي حديث معهم، وبالإضافة إلى ذلك ما كنت أتحمل حديثهم عند ما كانوا يتحدثون، لكني كتمته في نفسي، ولم أتظاهر أمامهم، ولما جلست أمام الحاسوب لكتابة موضوع ما يجب علي كتابته، فلم أتمكن من كتابة كلمة واحدة في بداية الشوط، وكنت أحاول التفكير في موضوع ما، فلم أستطع التركيز على موضوع، فيئست وتركت حاسوبا بعيدا عني لدقائق، حتى أسترجع قواي، وأعود على طبيعتي، ويخمد نار الحزن والألم الذي كنت أشعر حرارتها في داخلي، لكن النار لم يكن إطفاؤها سهلا، بل كانت تحتاج إلى شيء قوي يطفئها تماما.
فكنت باحثا عن دافع قوي يطفئ نار الحزن والغم من داخلي، فبصرت بحديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فتيقنت بأن علاج حزني وغمي في هذا الحديث، وهو مروي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله تعالى ـ : عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ"[1] فما إن قرأت كلمات هذا الحديث ذهب كل حزن وغم أصابني وأقلقني ساعات، وجعلني مفلوجا من كل عمل، فشكرت الله ـ سبحانه وتعالى ـ أنه أزال حزني وغمي من داخلي، وأدعو الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يمنحني استقامة في ما فيه أنا.
[1] صحيح البخاري: 7/114.