سماحة الإمام المحدث الشيخ سليم الله خان وحبّه للأدب العربي
كان حبّ الشيخ للغة العربية، والعرب ، والأدب العربي ، والعالم العربي ، والحرمين الشريفين ظاهراً باهراً كالشمس في رابعة النهار، كان رحمه الله حينما طالباً في جامعة ديوبند بالهند في صباه يُلقي الخُطب في أندية الطلاب بالعربية، وقد قصّ وحكا لي في بعض الأحيان مما كان يحدث له من ترفع بين زملائه ولدى الأساتذة والمشايخ ، وكيف لا ! إنه قد كان من أنبل وأفطن تلامذة شيخ الأدب العربي آنذاك أعني الشيخ إعزاز علي المغفور له،وهو المؤسس الأول لبناءالأدب العربي في الهند قبل الإمام الندوي والعلامة الكيرانوي الموقرين المرحومين.
ثم أثناء تدريسه في جلال آباد وداخل السند وكراتشي يشهد بعبقريته في علوم اللغة والاهتمام بها كبار المشايخ من تلامذته المعروفين في الأوساط العلمية شرقاًوغرباً.
ولما أسس الجامعة الفاروقية بكراتشي ازداد اهتمامه باللغة والأدب العربيَّين،كان يُدرَّس فنون اللغة في الابتدائيات مع أنه كان من مشايخ الحديث، ودائماًينتقى مُدرّسين مهَرة في ميادين الأدب العربي في جامعته.
وقام بعقد دورات لغوية بالمشاركة مع الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وجامعة الأزهر للعلماء الأفاضل في الجامعة الفاروقية بكراتشي، وكانت لها فوائد جليلة، لأن الذين تعلموا هنا اللغة العربية والتكلم بها صاروا من الدعاة إليها.
وكان من أول إصدارات الجامعة الفاروقية بكراتشي ، مجلة الفاروق العربية، وهي مجلة شهرية تتناول علوم القرآن والسنة، وقضايا فقهية، وشخصيات خالدة، وأهم الأنباء العالمية مع تحليلات جادة غير حيادية، بأسلوب عربي معاصر رشيق.
ثم أسس إدارةً مستقلة لتعليم الطلاب العلوم الإسلامية من منطلق اللغة العربية ( معهد اللغة العربية والدراسات الإسلامية)وطلب لذلك أساتذةً مبعوثين من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، فبعثت جامعة المدينة خمسة خريجيها المتبحرين في العربية نطقاً وكتابةً وتعليماً، حتى صار المعهد نموذجاً للمدارس والجامعات الأخرى ، فبعضها في ذلك حذت حذوها، وتطور المعهد يوماًفيوماً ، ولا يزال والحمد لله.
وتقدم سماحة الإمام إلى أن افتتح تخصصاً للعامين لحاملي درجة الماجستير وسمّاه التخصص في الأدب العربي،مع منح الدكتوراه للذين يُقدّمون بحوثاً موضوعية محقّقة . فقر نموذجاً للعمل في الجامعات العربية في المنطقة.
وكان الإمام المحدث الشيخ سليم الله خان مع مشاغله المتنوعة يكتب شهرياً مقالات تحقيقية في المجلات العربية اللتي تصدر في الوطن العربي، وبهذه المناسبة منحته مجلة التقوى اللبنانية شهادة الوفاء والعرفان.
والجامعة الفاروقية بكراتشي كانت منبراًشهيراً للمسابقات الخطابية باللغة العربية في عهده لطلاب الجامعات الأخرى ، انطلاقاً من النادي العربي الشهير بها، حتى حضر في بعض مناسباته الدكتور أحمد العسال رحمه الله من الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد.
وكانت تخرج جماعات الدعوة والتبليغ من الجامعة في ربوع كراتشي إلى الجامعات العربية الأخرى ، النشاطات والعمليات كانت تتم كلها بالعربية.
كما كانت تصدر مجلات جدارية في الجامعة بالعربية تماماًلتدريب الطلبة على الصحافة من خبر وعمود وتصفيف وتصميم.
وكان الشيخ يُلقي دروسه لمشكاة وصحيح البخاري لعدة أشهر بالعربية ، كان يتحاشى في درسه عن غرائب الألفاظ والتعبيرات، بل كان يُقرّب الدرس للسامعين من خلال كلماته السلسة السائغة.
وانا كشاهد عيان معه في رحلاته داخل باكستان وأرجاء المعمورة ، دَوْماً كان يُرغّب إلى اللغة العربية ويُحَرِّض ويُشجِّع العلماء على الاهتمام باللغة العربية، ووفاق المدارس العربية بباكستان خير شاهد على ذلك.
كان من الدعاة إلى العربية بالعمل أكثر منه بالقول، لذلك كان حريصاً أن تكون جامعته عربيةً خالصةً إدارةً ودراسةً، ورزقه الله النجاح أن كانت الجامعة الفاروقية بكراتشي ( الجديدة) جامعة عربية كاملةً متكاملةً والحمد لله رب العالمين.
والفضل كما يعود في هذا كله إلى سماحة الإمام المحدث الشيخ سليم الله خان كذلك يحوز بشرف وافتخارنجلاه الفذّان الدكتور محمد عادل خان والشيخ عبيد الله خالد في المساعدة التامة الكاملة الشاملة للشيخ في التنفيذ والتطبيق وأساتذة الجامعة كلهم أجمعون.
نسأل الله للإمام الدرجات العُلى في الجنة ولأولاده ولمن يقوم مقامه في الجامعة والوفاق نظرياً وإدارياً التقوى والسداد، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين.