شيخ الحديث وأستاذ العلماء الشيخ سليم الله خان رحمه الله تعالى

يقول الله تبارك وتعالى : كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذوالجلال والإكرام"
لا شَكَّ أنّ الفناءَ يعتري كل من في الدنيا وما فيها، فإن هذه البسيطة لم تترك أحدا يستقر عليها، بل تُجبره على الرحيل والفِراق، فها هو قد فارقنا جميعا أحد العلماء الكبار وأستاذ ...

يقول الله تبارك وتعالى : كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذوالجلال والإكرام"

لا شَكَّ أنّ الفناءَ يعتري كل من في الدنيا وما فيها، فإن هذه البسيطة لم تترك أحدا يستقر عليها، بل تُجبره على الرحيل والفِراق، فها هو قد فارقنا جميعا أحد العلماء الكبار وأستاذ العلماء والأساتذة، الشيخ مولنا سليم الله خان صاحب - رحمه الله رحمة واسعة- و خلَّف العلماء وطلبة المدارس والشعب الباكستاني والبلد تاركا في قلق وحزن، وأبكى برحيله المَلَايِيْن مِنَ العلماء والطلاب، إنا لله وإنا إليه راجعون، فَلَو قُلتُ : إنّه قَدْ أَيْتَم العلماءَ والطلّابَ والمدارسَ والجامعات  مِنْ حيث العلم والأدب، فلستُ مبالغا فيه، لأنه بالفعل كان عالما مثاليا، وفريدا في زمنه - رحمه الله تعالى- فوددت أن أكتب بضع كلمات حول شخصيته -رحمه الله تعالى- كي تعم الفائدة.

ترجمة الشيخ مولنا سليم الله خان رحمه الله تعالى

اسمه ومسقط رأسه

لقد كان يسكن آباءه وأجداده وقبيلته في منطقة خيبر ايجنسي قبل استقلال باكستان، ثم هاجروا إلى قرية "حسن بور لوهاري" التي تقع حاليا في مديرية "مظفر نكر"  "الهند" ولقد ولد الشيخ رحمه الله تعالى في نفس القرية بتاريخ 25 ديسمبر عام 1926م.

نشأته العلمية

لقد تلقى مبادئ العلوم في مدرسة مفتاح العلوم التي مؤسسها مولنا مسيح الله خان رحمه الله تعالى، ثم التحق بجامعة دارالعلوم ديوبند عام 1942م و تلقّى الفقه والحديث والتفسير والعلوم الأخرى من الأساتذة البارعين، حتى أنهى دراسته في نفس الجامعة، وتخرج عام 1947م ونال الشهادة بدرجات عالية، فبعد تَخَرُّجِه عاد إلى نفس المدرسة التي كانت نقطة بداية دراسته، نعم، أعني "مفتاح العلوم" ، وقد مارس مهنة التدريس فيها تحت إشراف أستاذه الشيخ مولنا مسيح الله خان -رحمه الله- ثماني سنين، ولقد بذل أقصى جهده في التدريس حتى بلغت شهرتها إلى آفاق الهند، وبدأ الطلاب يَفِدون من الجامعات الكبيرة إلي تلك الجامعة" مفتاح العلوم " ثم هاجر عن الهند إلى باكستان، وعَرَضَ خدماته التدريسية في جامعة دارالعلوم (هذه الجامعة لا تزال قائمة في نفس المدينة إلي يومنا هذا)  "تنندو الهيار"  في اقليم سنده ، تحت إشراف الشيخ مولنا ظفر أحمد عثماني - رحمه الله تعالى-، ومَكَثَ فيها منشغلا بمهمة التدريس ثلاث سنوات، ثم انتقل من هنا إلى كراتشي، وأشغل نفسه في التدريس في جامعة دارالعلوم كراتشي، فدرَّسَ فيها الحديث والتفسير والفقه والتاريخ، والحسابات، والفلسفة، والأدب، وكان يذهب إلى الجامعة الإسلامية بنوري تاؤن خلال انشغاله بجامعة دارالعلوم كراتشي في وقت الفراغ، لكن لم يستمرّ طويلا، بل اكتفى التدريس في بنوي تاؤن عاما واحدا، ثم نوى تأسيس جامعة ومدرسة تغطي حاجيات العاطشين بالعلوم، فوضع حجر الأساس لجامعة الفاروقية، ثم تطورت جامعة فاروقية إلى درجة تعتبر من إحدى أكبر الجامعات لإخلاص الشيخ -رحمه الله تعالى-.

مناصبه

فنظرا إلى خدماته الدينية لقد قرّرت هيئةُ وفاق المدارس تّعْيِيْنَه كَمُدير، فبعد ما تولى هذا المنصب أجرى التغيرات في طريقة الاختبارات، وفي أمور أخرى، أعني لم يكن آنذاك إلا اختبار في بعض كتب الحديث، ثم الفائز كان يمنح الشهادة، لكن الشيخ رحمه الله  تعالى غيَّر هذا النظام، وعَيَّن اختبارات أربعة، أي ثانوية عامة، وثانوية خاصة، عالية، العالمية، فمن أراد حصول شهادة الوفاق، فعليه أن يمر بأربعة اختبارات، ثم أيضا وضع قانونا للذين تخرجوا من قبلُ، فبإمكانهم أيضا بعد المشاركة في الاختبارات حصول الشهادة، وخَدَمَ في المناهج الدراسية والمقررات، كي تكون المدارس على نهج واحد، ففعل، ثم هيئة وفاق المدارس العربية باكستان  أيضا كانت تحتاج إلى المال حتى تتطور، ففرض على جميع المدارس رسوما سنويا محددا، كي  يستعمل هذا المبلغ في تطويرها، وكان واليا على هذا المنصب إلى عام 1989م، ثم عُيِّنَ رئيس هيئة وفاق المدارس العربية باكستان ، وكان على هذا المنصب حتى فارق الدنيا.

حفظه القرآن الكريم في غضون 27 يوما

كان فطينا وذكيا إلى درجة، وله قصة معروفة اشتهرت بين أوساط الناس، فمرة خلال العطلة رجع من جامعة دارالعلوم ديوبندا إلى البيت، فقرر أنه يحفظ في رمضان ثمانية أجزاء، أعني كل يوم ربع الجزء، لكن عند ما جلس لحفظه فرأى أنه قادر على حفظ جزء واحد بكل سهولة، فكان يحفظ يوميا جزءا ويصلي بالناس بالجزء الذي قد حفظه، فبمدة قصيرة قد حفظ القرآن، فهذا دليل على فطانته وذكائه.

خدماته في مجال التأليف

 لم يكن يعرض خدماته في التدريس فحسب، وإنما عرضها في التأليف أيضا،  فقَدْ أَلَفَ شرح البخاري بـ "كشف الباري "، وشرح المشكواة باسم "نفحات التنقيح"، ولقد أمضى حياته بين الطلاب وجدران المدرسة، حتى انتقل إلى جوار رحمة الله عزوجل، ولقد صليت عليه جنازة مرتين، فمرة في حرم جامعة الفاروقية التي تقع في منطقة شاه فيصل  صباحا على الساعة الثامنة، ومرة أخرى بعد الظهر في جامعة الفاروقية الجديدة التي تقع في فيس تو ودفن هناك.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا جميعا للاقتداء به رحمه الله ، وأن يدخله في فسيح جناته جنات النعيم.

أ.د.خليل أحمد


مجموع المواد : 507
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025

التعليقات

    • ما شاء الله، مقال قيم! رحم الله شيخ مشايخنا سليم الله خان وأسكنه فسيح جنانه

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن
المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025