لماذا هذه الزلازل؟
الساعة الخامسة وعشر دقائق سحرا، كان كثير من الناس في المدن والقرى في النوم، وقليل منهم يتهجدون ويذكرون الله، المؤذنون يستعدون للأذان، تزلزلت الأرض زلزلة شديدة، فاستيقظ من كان في النوم، وجعل يسعى من كان في اليقظة صائحا، هذا يصيح وذلك يبكي هرب الناس من الزلزال إلى خارج منازلهم.
ضرب زلزال بقوة 9 .7 درجة على مقياس ريختر بنغلاديش، فاهتز به سكان الهند وبنغلادش. وتسبب في انهيار مبنى في الهند، كثرت الزلازل في هذا العصر ، وهذا تأكيد وتصديق لما جاء في الحديث : "لا تقوم الساعة حتى يقبض العالم وتكثر الزلازل"، والحديث عن الزلازل لا بد أن يقودنا إلى الحديث عن إحساس المسلم تجاه هذه الظواهر الكونية التي يخوَّف الله بها عباده، أو عقوبات لما تعج به الأرض من المحادة لله ورسوله، ومن الموبقات المهلكات، لقد تبلَّد شعور كثير من الناس تجاه هذه الظواهر فلا يرتدعون، ولا يتراجعون حتى يروا العذاب الأليم، والأصل في المؤمن أن يكون يقضاً لمثل هذه الأمور المخيفة، فقد جاء في الحديث: "كانت الريح الشديدة إذا هبت عرف ذلك في وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- "، وكأنه يخشى -صلى الله عليه وسلم- أن تكون مقدمات يوم الفزع الأكبر.
معشر المسلمين! لماذا هذه الزلازل؟ هذا تنبيه لنا من عند الله عز وجل لنرجع إليه؛ لأننا نسينا الله وغفلنا عن القيامة وأهوالها، وتركنا الإسلام، لا إسلام في حياتنا الأهلية ولا في حياتنا الشخصية، ولافي حياتنا الاجتماعية، وصارت أعمالنا كغير المسلمين ، لافرق بيننا وبينهم، وقال الله تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعا" ولكننا اتخذنا القرآن مهجورا والسنة متروكا، وسيرة نبينا صلى الله عليه وسلم ممبوذا. كانت هذه الزلزلة لنعود إلى بارئنا، ونستغفره من ذنوبنا، ويرجع لنا الإحساس بما هي عليه من الضعف والانحطاط في كل شيء، قال تعالى : "فَلَوْلا إذْ جَاءهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا ولَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [الأنعام:43] ، وقال تعالى: "ونُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً" [الإسراء:60]، وقال تعالى : "أَفَأَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتاً وهُمْ نَائِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وهُمْ يَلْعَبُونَ" [الأعراف:97-98].
إن في الشعوب الإسلامية من يعتبر بهذه الآيات الكونية، ويتذكر ويؤوب، أما الذين في قلوبهم مرض، وأما القاسية قلوبهم الذين استمروا على الطغيان، والذين أشربوا في قلوبهم التغريب والعلمانية فلن يعتبروا بل يزيدهم ضلالاً، وهذا ما كنا نتوقعه من أمثال هؤلاء لأنه من السنن الربانية.
يا للأسف!!! كيف نقوم أمام الله يوم القيامة؟ وماذا نجيب عن حياتنا إذا سئلنا، هدانا الله إلى الصراط المستقيم، ومن المشهور أن عمر بن الخطاب شعر بأن الأرض تتزلزلت، فضرب بقدمه على الأرض، وقال ألست من المنصفين على ظهرك، فسكنت الأرض من الفور. كيف أمكن هذا؟ هل فكرتم؟
معشر المسلمين! إننا بحاجة إلى إعادة النظر في الحسابات مع الله سبحانه وتعالى بشكل عام ومتتابع في هذه الحياة.